ما صحة أثر عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ” تعلموا العربية ؛ فإنها تثبت العقل ، وتزيد في المروءة ” ؟
هل يصح عن عمر رضي الله عنه أنه قال : ” تعلموا العربية ؛ فإنها تثبت العقل ، وتزيد في المروءة ” ؟
السؤال: 301510
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
أولا:
أخرج البخاري في “التاريخ الكبير” (9/68)، والبيهقي في “شعب الإيمان” (1556) وأبو طاهر المقرئ في “أخبار النحويين” (ص32) وغيرهم ، من طريق عَبْدِ الْوَارِثِ بْنِ سَعِيدٍ ، قال : حَدَّثَنِي أَبُو مُسْلِمٍ -رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ- قَالَ : قَالَ عُمَرُ : ” تَعَلَّمُوا الْعَرَبِيَّةَ ؛ فَإِنَّهَا تُثَبِّتُ الْعَقْلَ ، وَتَزِيدُ فِي الْمُرُوءَةِ “.
وأبو مسلم راوي الأثر عن عمر : مجهول ؛ ذكره البخاري في “التاريخ الكبير” (9/68) ، ولم يبين حاله ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا .
وأخرجه الخطابي في “غريب الحديث” (1/ 60) قال : أخبرنا أحمد بن عبد العزيز بن شابور ، نا علي بن عبد العزيز ، أراه عن رجل، عن عبد الواحد بن زياد ، عن المسعودي ، عن القاسم ، قال : قال عمر : ” تعلموا العربية ، فإنها تثبت العقل “.
والمسعودي : صدوق اختلط قبل موته .
والقاسم بن عبد الرحمن لم يدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
وينظر : “تهذيب التهذيب” (6 / 211) ، (8/322).
وقد ذكر هذا الأثر الدكتور : أحمد بن عبدالله الباتلي ، الأستاذ المشارك بقسم السنة وعلومها بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية ، في كتابه : ” الأحاديث والآثار الواردة في فضل اللغة العربية ، وذم اللحن “، وقال:
” رواه ابن الأنباري في “إيضاح الوقف” (1/31) عن أبيه ، والخطابي في “غريب الحديث” (1/60) ، والبيهقي في “شعب الايمان” (2/257)، والخطيب في “الجامع” (2/25) دون قوله : “تثبت العقل” ، وياقوت في “معجم الأدباء” (1/77)، والشنتريني في “تنبيه الألباب” (70)، والطوفي في “الصعقة الغضبية” (243) ، وذكره القلقشندي في “صبح الأعشى” (1/148).”.
ثم قال في خلاصة دراسته لأسانيده :
” الأثر بهذا الإسناد ضعيف ، فيه حيان بن جبلة ضعفه أبو حاتم بقوله شيخ ، وليث بن أبي سليم ضعيف ، وفيه راويان مجهولان ” . انتهى.
والحاصل :
أن هذا الأثر بهذا اللفظ لا يصح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه .
ولكن صح عند البيهقي في “السنن الكبرى” (3/ 342) عن أبي عثمانَ النهدي ، عن عمرَ بنِ الخطابِ – رضي الله عنه – أنَّه قال : ” تَعَلَّموا العَرَبيَّةَ “.
وإسناده متصل ، ورجاله ثقات .
كما أخرجه ابن عبد البر في “جامع بيان العلم وفضله” (2/ 1132) عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ : ” كَانَ فِي كِتَابِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : تَعَلَّمُوا الْعَرَبِيَّةَ “..
ثانيا :
وقد روي الأثر المذكور كلاما للإمام الشافعي رحمه الله . كما في “المقفى الكبير” (5/ 210) : قال يونس بن عبد الأعلى : سمعت الشافعيّ يقول : ” تعلّموا العربيّة ، فإنّها تثبّت العقل ، وتزيد في المروءة ” انتهى.
وسواء صح الأثر عن عمر رضي الله عنه أم لم يصح ؛ فإن فضل اللغة العربية وأهميتها ومنزلتها مما لا يخفى على أحد ، وقد اختارها الله تعالى وأنزل بها خاتمة كتبه ، وجعلها لسان خاتم الأنبياء والمرسلين وأفضلهم ، عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين .
وقد سبق بيان ذلك في موقعنا في عدة أجوبة ، منها : (161844)، (130720).
والله أعلم.
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
موضوعات ذات صلة