0 / 0

هل قصة قبض روح إدريس عليه السلام في السماء الرابعة صحيحة؟

السؤال: 359267

قرأت قصة وفاة نبي الله إدريس عليه السلام في السماء الرابعة، وهو مع رفيق له من الملائكة، فلقيه ملك الموت، وقد أمر بقبض روحه في السماء الرابعة، فهل هذه القصة صحيحة؟

ملخص الجواب

قصة قبض روح إدريس عليه السلام في السماء الرابعة صح إسنادها عن كعب الأحبار، وهو كان يهوديا فأسلم، ويُعدُّ من طبقة التابعين، وكان يخبر بالإسرائيليات ويحدث بها. والحديث عن بني إسرائيل جائز، دون أن نصدق أو نكذب، إلا أن يكون فيها معنى منكر مخالف للشرع.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

هذه القصة نُقلت عن كعب الأحبار، وهي من الإسرائيليات، والتي لا نصدقها ولا نكذبها، وقد نقلت هذه القصة عن كعب الأحبار من عدة طرق بإسناد صحيح إليه، وهو من المشهورين بالنقل عن كتب أهل الكتاب.

وبيان ذلك كما يلي:

الطريق الأول:

أخرجه ابن أبي شيبة في “مصنفه” (32544) ، من طريق زائدة ، عَنْ مَيْسَرَةَ الأَشْجَعِيِّ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : “سَأَلْتُ كَعْبًا عَنْ رَفْعِ إدْرِيسَ مَكَانًا عَلِيًّا ؟ فَقَالَ : أَمَّا رَفْعُ إدْرِيسَ مَكَانًا عَلِيًّا ، فَكَانَ عَبْدًا تَقِيًّا ، يُرْفَعُ لَهُ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ مَا يُرْفَعُ لأَهْلِ الأَرْضِ فِي أَهْلِ زَمَانِهِ ، قَالَ : فَعَجِبَ الْمَلَكُ الَّذِي كَانَ يَصْعَدُ عَلَيْهِ عَمَلُهُ ، فَاسْتَأْذَنَ رَبَّهُ إلَيْهِ ، قَالَ : رَبِّ ائْذَنْ لِي إلَى عَبْدِكَ هَذَا فَأَزُورَهُ ، فَأَذِنَ لَهُ ، فَنَزَلَ ، قَالَ : يَا إدْرِيسُ ، أَبْشِرْ فَإِنَّهُ يُرْفَعُ لَك مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ مَا لاَ يُرْفَعُ لأَهْلِ الأَرْضِ ، قَالَ : وَمَا عِلْمُك ؟ قَالَ : إنِّي مَلَكٌ ، قَالَ : وَإِنْ كُنْت مَلَكًا ، قَالَ : فَإِنِّي عَلَى الْبَابِ الَّذِي يَصْعَدُ عَلَيْهِ عَمَلُك.

قَالَ : أَفَلاَ تَشْفَعُ لِي إلَى مَلَكِ الْمَوْتِ فَيُؤَخِّرَ مِنْ أَجَلِي لأَزْدَادَ شُكْرًا وَعِبَادَةً ؟ قَالَ لَهُ الْمَلَكُ : لاَ يُؤَخِّرُ اللَّهُ نَفْسًا إذَا جَاءَ أَجَلُهَا ، قَالَ : قَدْ عَلِمْت ، وَلَكِنَّهُ أَطْيَبُ لِنَفْسِي ، فَحَمَلَهُ الْمَلَكُ عَلَى جَنَاحِهِ فَصَعِدَ بِهِ إلَى السَّمَاءِ فَقَالَ : يَا مَلَكَ الْمَوْتِ ، هَذَا عَبْدٌ تَقِيٌّ نَبِي ، يُرْفَعُ لَهُ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ مَا لاَ يُرْفَعُ لأَهْلِ الأَرْضِ ، وَإِنَّهُ أَعْجَبَنِي ذَلِكَ ، فَاسْتَأْذَنْت إلَيْهِ رَبِّي ، فَلَمَّا بَشَّرْته بِذَلِكَ سَأَلَنِي لأَشْفَعَ لَهُ إلَيْك ، لِيُؤَخَّرَ مِنْ أَجَلِهِ فَيَزْدَادَ شُكْرًا وَعِبَادَةً لِلَّهِ ، قَالَ : وَمَنْ هَذَا ؟ قَالَ : إدْرِيسُ ، فَنَظَرَ فِي كِتَابٍ مَعَهُ حَتَّى مَرَّ بِاسْمِهِ ، فَقَالَ : وَاللهِ مَا بَقِيَ مِنْ أَجَلِ إدْرِيسَ شَيْءٌ، فَمَحَاهُ؛ فَمَاتَ مَكَانَهُ”.

وإسناده صحيح إلى ابن عباس، ورجاله ثقات مشهورون، وميسرة الأشجعي ، وثقه أبو زرعة كما في “تذهيب التهذيب” (9/167)، قال فيه ابن حبان في “المجروحين” (1/213) :” مستقيم الحديث “. 

الطريق الثاني :

أخرجه الطبري في “تفسيره” (15/562) ، من طريق جرير بن حازم ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ ، عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ ، قَالَ:” سَأَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ كَعْبًا وَأَنَا حَاضِرٌ ، فَقَالَ لَهُ: مَا قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى لِإِدْرِيسَ وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا مريم/57 . قَالَ كَعْبٌ: أَمَّا إِدْرِيسُ ، فَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيْهِ: إِنِّي رَافِعٌ لَكَ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلَ عَمَلِ جَمِيعِ بَنِي آدَمَ ، فَأُحِبُّ أَنْ تَزْدَادَ عَمَلًا ، فَأَتَاهُ خَلِيلٌ لَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ كَذَا وَكَذَا ، فَكَلِّمْ لِي مَلَكَ الْمَوْتِ ، فَلْيُؤَخِرَنِي حَتَّى أَزْدَادَ عَمَلًا ، فَحَمَلَهُ بَيْنَ جَنَاحَيْهِ ، ثُمَّ صَعِدَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ ، فَلَمَّا كَانَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ ، تَلَقَّاهُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ مُنْحَدِرًا ، فَكَلَّمَ مَلَكَ الْمَوْتِ فِي الَّذِي كَلَّمَهُ فِيهِ إِدْرِيسُ ، فَقَالَ: وَأَيْنَ إِدْرِيسُ؟ فَقَالَ: هُوَ ذَا عَلَى ظَهْرِي ، قَالَ مَلَكُ الْمَوْتِ: فَالْعَجَبُ؛ بُعِثْتُ أَقْبِضُ رُوحَ إِدْرِيسَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ ، فَجَعَلْتُ أَقُولُ: كَيْفَ أَقْبِضُ رُوحَهُ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ وَهُوَ فِي الْأَرْضِ؟ فَقَبَضَ رُوحَهُ هُنَاكَ ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا مريم/57″.

وإسناده صحيح إلى ابن عباس أيضا ، رجاله ثقات .

فأما ” هلال بن يساف “،  فقد وثقه ابن معين، كما في “الجرح والتعديل” لابن أبي حاتم (9/72).

وأما ” شمر بن عطية ” ، فقد وثقه ابن معين ، كما في “الجرح والتعديل” لابن أبي حاتم (4/376).

الطريق الثالث:

أخرجه ابن وهب ، كما في “تفسير القرآن من الجامع” (62) ، من طريق عمارة بن عيسى ، عن يونس بن يزيد ، عمن حدثه ، عن ابن عباس أنه قال لكعب:( أخبرني عن ست آياتٍ في القرآن لم أكن علمتهن ، ولا تخبرني عنهن إلا ما تجد في كتاب الله المنزل: ما سجين ، وما عليون ، وما سدرة المنتهى ، وما جنة المأوى ، وما بال أصحاب الرس ، ذكرهم الله في الكتاب ، وما بال طالوت ، رغب عنه قومه ، وما بال إدريس ذكره الله فقال: رفعناه مكانا عليا ؟

قال: كعب: والذي نفسي بيده ، لا أخبرك عنهن إلا بما أجد في كتاب الله المنزل :

أما (سجين) ، فإنها شجرةٌ سوداء تحت الأرضين السبع، مكتوبٌ فيها اسم كل شيطان ، فإذا قبضت نفس الكافر عرج بها إلى السماء فغلقت أبواب السماء دونها ، ثم ترمى إلى سجين ، فذلك سجين .

وأما (عليون) ، فإنه إذا قبضت نفس المرء المسلم عرج بها إلى السماء، وفتحت لها أبواب السماء ، حتى ينتهي إلى العرش، فيكتب له نزله وكرامته ، فذلك عليون.

وأما (سدرة المنتهى) ، فإنها شجرةٌ عن يمين العرش، انتهى إليها علم العلماء ، فلا يعلم العلماء ما وراء تلك السدرة.

وأما (جنة المأوى) ، فإنها جنةٌ يأوي إليها أرواح المؤمنين.

وأما (أصحاب الرس) ، فإنهم كانوا قوما مؤمنين يعبدون الله، في مُلْكِ جبارٍ لا يعبد الله ، فخيرهم في أن يكفروا أو يقتلهم ، فاختاروا القتل على الكفر ، فقتلهم ، ثم رمى بهم في قليب ، فبذلك سموا أصحاب الرس.

وأما (طالوت)، فإنه كان من غير السبط الذي الملك فيه ، فبذلك رغب قومه عنه.

وأما (إدريس) ، فإنه كان يعرج بعمله إلى السماء فيعدل عمله جميع عمل أهل الأرض ، فاستأذن فيه ملكٌ من الملائكة أن يؤاخيه ، فأذن الله له أن يؤاخيه ، فسأله إدريس: أي أخي ، هل بينك وبين ملك الموت إخاءٌ ، فقال نعم ، ذلك أخي دون الملائكة، وهم يتآخون كما يتآخى بنو آدم ، قال: هل لك أن تسأله لي كم بقي من أجلي لكي أزداد في العمل ؟ قال: إن شئت سألته وأنت تسمع . قال: فجعله الملك تحت جناحه حتى صعد به إلى السماء، فسأل ملك الموت: أي أخي ، كم بقى من أجل إدريس ، قال: ما أدري حتى أنظر ، قال: فنظر ، قال: إنك تسألني عن رجلٍ ما بقى من أجله إلا طرف عينٍ ؛ قال: فنظر الملك تحت جناحه ، فإذا إدريس قد قبض، وهو لا يشعر).

وإسناده ضعيف جدا ، فيه مجهول وراو لم يسم ، فأما المجهول فهو عمارة بن عيسى ، لم يترجم له أحد ، والمبهم هو شيخ يونس بن يزيد ، حيث قال ” عن من حدثه “.

وقد رُوي من طريق ضعيف عن ابن عباس من قوله في تفسير هذه الآية: أنه رُفع إلى السماء السادسة ، فمات فيها ، ولم يذكر قصة .

أخرجه الطبري في “تفسيره” (15/564)، من طريق محمد بن سعد بن محمد بن الحسن بن عطية ، قال ثني أَبِي ، قَالَ: ثني عَمِّي ، قَالَ ثني أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا مريم/57 . قَالَ: رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ ، فَمَاتَ فِيهَا).

وإسناده ضعيف، مسلسل بالضعفاء.

فيه ” الحسين بن الحسن بن عطية ” ، ضعفه أبو حاتم كما في “الجرح والتعديل” (3/48) ، وابن معين كما في “الكامل” لابن عدي (3/273)، والنسائي كما في “تاريخ بغداد” (8/552) ، وقال ابن حبان في “المجروحين” 1/246) :”  مُنكر الْحَدِيث يَرْوِي عَن الأَعْمَش وَغَيره أَشْيَاء لَا يُتَابع عَلَيْهَا كَأَنَّهُ كَانَ يقلبها وَرُبمَا رفع الْمَرَاسِيل وَأسْندَ الْمَوْقُوفَات، وَلَا يَجُوز الِاحْتِجَاج بِخَبَرِهِ “. اهـ ، وقال الذهبي في “ديوان الضعفاء” (973):” ضعيف كآبائه”.

وفيه ” الحسن بن عطية ” ، ضعفه البخاري في “التاريخ الكبير” (2/301) فقال :” ليس بذاك “. اهـ ، وقال فيه أبو حاتم كما في “الجرح والتعديل” (3/26) :” ضعيف “، وقال ابن حبان في “المجروحين” (1/234) :” مُنكر الْحَدِيث؛ فَلَا أَدْرِي البلية فِي أَحَادِيثه مِنْهُ أَوْ من أَبِيهِ أَوْ مِنْهُمَا مَعًا، لِأَن أَبَاهُ لَيْسَ بِشَيْء فِي الْحَدِيث، وَأكْثر رِوَايَته عَن أَبِيهِ؛ فَمن هُنَا اشْتبهَ أمره وَوَجَب تَركه “.

وأما ” عطية بن سعد العوفي “، فهو مجمع على ضعفه، كما قال الذهبي في “ديوان الضعفاء” (2843).

وخلاصة القول:

أنَّ هذه القصة صح إسنادها عن كعب الأحبار ، وهو كان يهوديا فأسلم ، ويُعدُّ من طبقة التابعين ، وكان يخبر بالإسرائيليات ويحدث بها .

قال الذهبي في “سير أعلام النبلاء” (3/489) :”  كَعْبُ بنُ مَاتِعٍ الحِمْيَرِيُّ ، اليَمَانِيُّ ، العَلاَّمَةُ ، الحَبْرُ ، الَّذِي كَانَ يَهُودِيّاً ، فَأَسْلَمَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَقَدِمَ المَدِيْنَةَ مِنَ اليَمَنِ فِي أَيَّامِ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – فَجَالَسَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَكَانَ يُحَدِّثُهُم عَنِ الكُتُبِ الإِسْرَائِيْليَّةِ ، وَيَحْفَظُ عَجَائِبَ ، وَيَأْخُذُ السُّنَنَ عَنِ الصَّحَابَةِ ، وَكَانَ حَسَنَ الإِسْلاَمِ ، مَتِيْنَ الدّيَانَةِ ، مِنْ نُبَلاَءِ العُلَمَاءِ”.

والحديث عن بني إسرائيل جائز ، دون أن نصدق أو نكذب ، إلا أن يكون فيها معنى منكر مخالف للشرع .

وقد أخرج البخاري في “صحيحه” (3461) ، من حديث عبد الله بن عمرو ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :(بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً ، وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ).

قال القاضي أبو بكر بن العربي في “القبس في شرح موطأ مالك بن أنس” (1/1050) :” كل قول يرد من قِبلهم على ألسنة من أسلم من علمائهم: يجوز أن يوثر عنهم، ما لم يعترض على ما في الشرع؛ وهو المراد بقوله : حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج “.

وقال ابن حجر في “فتح الباري” (6/498):

” قَوْلُهُ: (وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ): أَيْ لَا ضِيقَ عَلَيْكُمْ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ تَقَدَّمَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّجْرُ عَنِ الْأَخْذِ عَنْهُمْ وَالنَّظَرِ فِي كُتُبِهِمْ، ثُمَّ حَصَلَ التَّوَسُّعُ فِي ذَلِكَ. وَكَأَنَّ النَّهْيَ وَقَعَ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الْأَحْكَامِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَالْقَوَاعِدِ الدِّينِيَّةِ خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ، ثُمَّ لَمَّا زَالَ الْمَحْذُورُ وَقَعَ الْإِذْنُ فِي ذَلِكَ؛ لِمَا فِي سَمَاعِ الْأَخْبَارِ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَانِهِمْ مِنْ الِاعْتِبَارِ ..

وَقَالَ مَالِكٌ: الْمُرَادُ جَوَاز التحدث عَنْهُمْ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرٍ حَسَنٍ؛ أَمَّا مَا عُلِمَ كَذِبُهُ، فَلَا.

وَقِيلَ: الْمَعْنَى حَدِّثُوا عَنْهُمْ بِمِثْلِ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ.

وَقِيلَ: الْمُرَادُ جَوَازُ التَّحَدُّثِ عَنْهُمْ بِأَيِّ صُورَةٍ وَقَعَتْ، مِنَ انْقِطَاعٍ أَوْ بَلَاغٍ، لِتَعَذُّرِ الِاتِّصَالِ فِي التَّحَدُّثِ عَنْهُمْ؛ بِخِلَافِ الْأَحْكَامِ الْإِسْلَامِيَّةِ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي التَّحَدُّثِ بِهَا الِاتِّصَالُ، وَلَا يَتَعَذَّرُ ذَلِكَ لِقُرْبِ الْعَهْدِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُجِيزُ التَّحَدُّثَ بِالْكَذِبِ؛ فَالْمَعْنَى حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا لَا تَعْلَمُونَ كَذِبَهُ، وَأَمَّا مَا تُجَوِّزُونَهُ: فَلَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ فِي التَّحَدُّثِ بِهِ عَنْهُمْ.

وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ: (إِذَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ)؛ وَلَمْ يَرِدِ الْإِذْنُ وَلَا الْمَنْعُ مِنَ التَّحَدُّثِ بِمَا يُقْطَعُ بِصِدْقِهِ “.

وهذه القصة أورده ابن كثير في “تفسير القرآن العظيم” (5/240) ، ثم قال :” هذا من أخبار كعب الأحبار الإسرائيليات ، وفي بعضه نكارة ، والله أعلم “.

قال ابن حجر في “فتح الباري”(6/375) :” وَكَوْنُ إِدْرِيسَ رُفِعَ وَهُوَ حَيٌّ : لَمْ يَثْبُتْ مِنْ طَرِيقٍ مَرْفُوعَةٍ قَوِيَّةٍ.

وَقَدْ رَوَى الطَّبَرِيُّ أَنَّ كَعْبًا قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ – فِي قَوْله تَعَالَى : ( وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عليا ) – : أَنَّ إِدْرِيسَ سَأَلَ صَدِيقًا لَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، فَحَمَلَهُ بَيْنَ جَنَاحَيْهِ ، ثُمَّ صَعِدَ بِهِ . فَلَمَّا كَانَ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ تَلَقَّاهُ مَلَكُ الْمَوْتِ ، فَقَالَ لَهُ أُرِيدُ أَنْ تُعْلِمَنِي كَمْ بَقِيَ مِنْ أَجَلِ إِدْرِيسَ ؟ قَالَ : وَأَيْنَ إِدْرِيسُ؟ قَالَ : هُوَ مَعِي . فَقَالَ : إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ ؛ أُمِرْتُ بِأَنْ أَقْبِضَ رُوحَهُ فِي السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ ، فَقُلْتُ كَيْفَ ذَلِكَ وَهُوَ فِي الْأَرْضِ ؟ فَقَبَضَ رُوحَهُ ؛ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : ( وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ) . وَهَذَا مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ “.

ومن أراد الاستزادة حول معنى رفع إدريس عليه السلام مكانا عليا ، يمكنه مراجعة جواب السؤال رقم:(136890).
والله أعلم 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android