0 / 0

هل شهد النبي صلى الله عليه وسلم حلف الفضول أم حلف المطيبين؟

السؤال: 469391

في “الأدب المفرد” للبخاري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (شهدت حلف المطيبين مع عمومتي وأنا غلام فما أحب لي حمر النعم وأني أنكثه)، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يشهد حلف المطيبين، وإنما شهد حلف الفضول، أرجو التوضيح.

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

الاجابة

روى الإمام أحمد في “المسند” (3 / 193)، والبخاري في “الأدب المفرد” (567): عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: (شَهِدْتُ حِلْفَ الْمُطَيِّبِينَ مَعَ عُمُومَتِي وَأَنَا غُلامٌ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حُمْرَ النَّعَمِ، وَأَنِّي أَنْكُثُهُ).

قال الهيثمي رحمه الله تعالى:

” رواه أحمد وأبو يعلى والبزّار، ورجال حديث عبد الرّحمن بن عوف رجال الصّحيح ” انتهى من “مجمع الزوائد” (8/172).

وقال محققو المسند:

” إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غيرَ عبد الرحمن بن إسحاق- وهو المدني- فقد أخرج حديثَه مسلم في الشواهد، ووثقه ابنُ معين وأبو داود وغيرهما، وحكى الترمذي في “العلل” (1/478) أن البخاري قد وثقه، وتكلم فيه بعضهم، وقال أحمد: أما ما كتبنا من حديثه فصحيح ” انتهى.

والمقصود بحلف المطيِّبين في هذا الخبر: هو حلفُ الفضول؛ وإنما سمي بالمطيبين؛ لأن القبائل المشاركة فيه، هي نفسها التي عقدت حلف المطيبين قبله.

روى ابن حبان كما في “الإحسان” (4374)، قال: أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( مَا شَهِدْتُ مِنْ حِلْفِ قُرَيْشٍ إِلَّا حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ، وَمَا أُحِبُّ أَنَّ لِي حمر النعم وَإِنِّي كُنْتُ نَقَضَتْهُ )، قَالَ: وَالْمُطَيِّبُونَ: هَاشِمٌ وَأُمَيَّةُ وَزَهْرَةُ وَمَخْزُومٌ.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: ” أَضْمَرَ فِي هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ ( مِنْ ) يُرِيدُ بِهِ: شَهِدْتُ مِنْ حِلْفِ الْمُطَيَّبِينَ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَشْهَدْ حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ؛ لِأَنَّ حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ كَانَ قَبْلَ مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا شَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِلْفَ الْفُضُولِ، وَهُمْ مِنَ الْمُطَيَّبِينَ ” انتهى.

وقال البيهقي رحمه الله تعالى:

” لا أدرى هذا التفسير من قول أبي هريرة أو من دونه.

وبلغنى أنه إنما قيل حلف المطيبين لأنهم غمسوا أيديهم في طِيب يوم تحالفوا وتصافقوا بأيمانهم، وذلك حين وقع التنازع بين بنى عبد مناف وبنى عبد الدار؛ فيما كان بأيديهم من السقاية والحجابة والرفادة واللواء والندوة، فكان بنو أسد بن عبد العزى في جماعة من قبائل قريش تبعا لبنى عبد مناف، فكان لهم بذلك شرف وفضيلة وصنيعة في بنى عبد مناف، وقد سماهم محمد بن إسحاق بن يسار، فقال: المطيبون من قبائل قريش؛ بنو عبد مناف هاشم والمطلب وعبد شمس ونوفل، وبنو زهرة، وبنو أسد بن عبد العزى، وبنو تيم، وبنو الحارث بن فهر خمس قبائل.

قال الشافعي: وقال بعضهم: هم حلف من الفضول ” انتهى من “السنن الكبرى” (13/344).

وعلّق ابن كثير على كلام البيهقي، فقال رحمه الله تعالى:

” هذا لا شك فيه، وذلك أن قريشا تحالفوا بعد موت قصي، وتنازعوا في الذي كان جعله قصي لابنه عبد الدار، من السِّقاية والرِّفادة واللواء والندوة والحجابة، ونازعهم فيه بنو عبد مناف، وقامت مع كل طائفة قبائل من قريش، وتحالفوا على النُّصرة لحزبهم، فأحضر أصحاب بني عبد مناف جفنة فيها طيب، فوضعوا أيديهم فيها، وتحالفوا، فلما قاموا مسحوا أيديهم بأركان البيت، فسُمُّوا المطيِّبين، كما تقدم، وكان هذا قديما.

ولكن المراد بهذا الحلف: حلف الفضول، وكان في دار عبد الله بن جدعان كما رواه الحميدي عن سفيان بن عيينة، عن عبد الله، عن محمد، وعبد الرحمن ابني أبي بكر قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفا، لو دعيت به في الإسلام لأجبت، تحالفوا أن يردوا الفضول على أهلها، وألا يَعَزَ ظالمٌ مظلوما )، قالوا: وكان حلف الفضول قبل المبعث بعشرين سنة في شهر ذي القعدة، وكان بعد حرب الفِجَار بأربعة أشهر، وذلك لأن الفجار كان في شعبان من هذه السنة.

وكان حلفُ الفضول أكرمَ حِلف سُمِع به، وأشرفَه في العرب” انتهى من “البداية والنهاية” (3/ 456).

والخلاصة:

الحلف الذي شهده النبي صلى الله عليه وسلم، هو “حلف الفضول”؛ وإنما سماه النبي صلى الله عليه وسلم بـ “حلف المطيبين”؛ لأن القبائل التي عقدت حلف الفضول هي من القبائل التي سبق وأن عقدت حلف المطيبين، فنسب الحلف إليهم.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android