حديث ( أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ، وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ ) حديث ضعيف لا يصح .
السؤال: 199915
روى الأمام أحمد في المسند بسنده قال : حدثنا تليد بن سليمان ، قال : حدثنا أبو الجحاف ، عن أبي حازم ، عن أبي هريرة قال : ” نظر النبي إلى علي ، والحسن ، وفاطمة فقال : ( أنا حرب لمن حاربكم ، وسلم لمن سالمكم… ) إلى آخر الحديث .
ما مدى صحة هذا الحديث ؟ وما هو شرح الحديث ؟
وما حكم من خرج على بن طالب رضي الله عنه ، إذا صح الحديث ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.
هذا الحديث رواه الإمام أحمد (9698) حَدَّثَنَا تَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو الْحَجَّافِ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ
: نَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى عَلِيٍّ ، وَالْحَسَنِ
، وَالْحُسَيْنِ ، وَفَاطِمَةَ ، فَقَالَ: ( أَنَا حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ ،
وَسِلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ ) .
ومن طريق الإمام أحمد رواه الطبراني في “المعجم الكبير” (2621) ، والحاكم في
“المستدرك” (4713) ، والآجري في “الشريعة” (1529) .
وهذا إسناد تالف ، تليد بن سليمان رافضي كذاب ، قال ابن معين : كذاب يشتم عثمان ،
قعد فوق سطح فتناول عثمان ، فقام إليه بعض أولاد موالى عثمان فرماه فكسر رجليه .
وقال أبو داود : رافضي يشتم أبا بكر وعمر.
وفي لفظ : خبيث .
انظر : “ميزان الاعتدال” (1/ 358) .
ورواه الترمذي (3870) ، وابن ماجة (145) ، وابن حبان (6977) من طريق أَسْبَاط بْن
نَصْرٍ الهَمْدَانِيّ ، عَنْ السُّدِّيِّ ، عَنْ صُبَيْحٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ ،
عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ به مرفوعا .
وهذا إسناد ضعيف ، صبيح هذا مجهول ، قال الترمذي عقب روايته لهذا الحديث : ” صبيح
مولى أم سلمة ليس بمعروف ” .
وفي “الكامل” (5/ 136) لابن عدي :
” صبيح ليس يعرف نسبه ، حَدَّثَنَا ابن حماد، حَدَّثَنا عباس سمعت يَحْيى وأبا
خيثمة يقولان : ” كان صبيح ينزل الخلد وكان كذَّابًا يحدث عن عثمان بن عفان وعن
عائشة وكان كذَّابًا خبيثا ، قال يَحْيى : وأعمى أَيضًا ، كان في دار الرقيقي كذاب
” انتهى .
فلعله هو ؛ لأنه من طبقته .
وقد ساق الذهبي الحديث بالإسناد السابق ، قال : ” تفرد به أسباط” انتهى من ” ميزان
الاعتدال ” (1/176) .
ورواه الطبراني في “المعجم
الأوسط” (2854) من طريق حُسَيْن بْنُ الْحَسَنِ الْأَشْقَرُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ
بْنِ مُوسَى ، عَنْ أَبِي مَضَاءٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
صُبَيْحٍ ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ جَدِّهِ صُبَيْحٍ قَالَ : ” كُنْتُ
بِبَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَ عَلِيٌّ
وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ، فَجَلَسُوا نَاحِيَةً ، فَخَرَجَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْنَا، فَقَالَ : ( إِنَّكُمْ عَلَى
خَيْرٍ ) وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ خَيْبَرِيُّ، فَجَلَّلَهُمْ بِهِ ، وَقَالَ: (أَنَا
حَرْبٌ لِمَنْ حَارَبَكُمْ، سَلْمٌ لِمَنْ سَالَمَكُمْ) .
وهذا إسناد ضعيف جدا ، حسين الأشقر قال البخاري فيه نظر، وقال مرة عنده مناكير،
وقال أبو زرعة منكر الحديث ، وقال أبو حاتم ليس بقوي، وقال الجوزجاني غال من
الشتامين للخيرة .
“تهذيب التهذيب” (2/ 336) .
وأبو مضاء هو رجاء بن عبد الرحيم الهروي القرشي ، قال الحاكم : كان كثير المناكير .
“لسان الميزان” (2/ 456) .
وإبراهيم بن عبد الرحمن بن صبيح رجل مجهول .
وقال الهيثمي :
” رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ، وَفِيهِ مَنْ لَمْ أَعْرِفْهُمْ ” .
انتهى من “مجمع الزوائد” (9/ 169) .
وبالجملة :
فهذا حديث ضعيف لا يصح ، وقد ضعفه الشيخ الألباني رحمه الله في “الضعيفة” (6028) .
ثانيا :
على فرض صحته – وإنما نقول ذلك تنزلا – فمعناه : أن النبي صلى الله عليه وسلم حرب
لمن أبغض أهل البيت وعاداهم ، ممن كان في قلبه بغض لرسول الله صلى الله عليه وسلم
ولأهل بيته ، والخلاف السياسي لا يلزم منه بالضرورة البغض والكره لأهل بيت النبي
صلى الله عليه وسلم .
قال القاري رحمه الله :
” (حرب لِمَنْ حَارَبَهُمْ ) جَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ
نَفْسَ الْحَرْبِ مُبَالَغَةً كَرَجُلٍ عَدْلٍ ( وَسِلْمٌ ) : أَيْ مُسَالِمٌ
وَمُصَالِحٌ ( لِمَنْ سَالَمَهُمْ ) . وَالْمَعْنَى: مَنْ أَحَبَّهُمْ أَحَبَّنِي،
وَمَنْ أَبْغَضَهُمْ أَبْغَضَنِي ” انتهى من “مرقاة المفاتيح” (9/ 3976) .
ولا يجوز أن يُحمل هذا الحديث على ما حصل بين الصحابة رضي الله عنهم يوم الجمل
وصفين ؛ فإن ذلك إنما كان منهم على الاجتهاد والتأويل ، وقد تقدم في إجابة السؤال
رقم : (140984) أن
قتال معاوية لعلي رضي الله عنهما لم يكن لأجل الخلافة والملك ، وإنما كان من أجل
المطالبة بقتلة عثمان .
وكذلك خروج أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يوم الجملة إنما كان للإصلاح بين الناس
، لم يكن خروج حرب وقتال أصلا .
وقد تقدم في إجابة السؤال
رقم : (127028) أن ما
حصل بين الصحابة من الاختلاف والاقتتال يجب علينا الكف عنه ، مع اعتقاد أنهم أفضل
الأمة ، ومحبتهم والترضي عنهم ؛ لأنه لم يكن اقتتال عداوة وبغض ، وإنما كان عن
اجتهاد وتأويل ، فهو داخل في قول الله تعالى : ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا
عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ
فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ
أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) الحجرات/ 9-10.
وقد روى ابن جرير في
“تفسيره” (17/109) عَنْ أَبِي حَبِيبَةَ مَوْلًى لِطَلْحَةَ قَالَ : ” دَخَلَ
عِمْرَانُ بْنُ طَلْحَةَ عَلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه بعد ما فَرَغَ مِنْ أَصْحَابِ
الْجَمَلِ ، فَرَحَّبَ بِهِ ، وَقَالَ : إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَنِي اللَّهُ
وَأَبَاكَ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ : ( وَنَزَعْنا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ
غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ ).
قَالَ: ورجلان جالسان إلى نَاحِيَةِ الْبِسَاطِ ، فَقَالَا: اللَّهُ أَعْدَلُ مِنْ
ذَلِكَ ! تَقْتُلُهُمْ بِالْأَمْسِ وَتَكُونُونَ إِخْوَانًا ! فَقَالَ عَلِيٌّ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : قُومَا أَبْعَدَ أَرْضٍ وَأَسْحَقَهَا، فَمَنْ هم إِذًا
إِنْ لَمْ أَكُنْ أَنَا وَطَلْحَةُ؟ ” .
فالحرب في الحديث – لو صح – معنى جامع للعداوة القلبية والقتالية ، فهو يبغضه وأهل
بيته بقلبه ، ويقاتله وأنصاره بسيفه ، ومعاذ الله أن يقال عن واحد من صحابة رسول
الله صلى الله عليه وسلم أنه كان بتلك المثابة .
راجع للأهمية إجابة السؤال رقم 🙁139054)
، (140984) .
والله أعلم .
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟
موضوعات ذات صلة