0 / 0
12,37210/08/2014

هل يجوز تلقي العلم عمن يحلق لحيتَه ويسبل ثوبَه ؟

السؤال: 216838

يوجد في الغرب بعض المشايخ السلفيين المشهورين ، الذين يقومون بإعطاء الدروس وإلقاء المحاضرات ، ولكنهم يسبلون الثياب ، ولا يعفون لحاهم ، لدرجة أنه يمكن رؤية لون بشرتهم من وراء اللحية ، وعندما ننصح الناس حول وجوب إعفاء اللحية ، وحرمة الإسبال ، يحتجون علينا بفعل هؤلاء المشايخ ، فهل يجوز أخذ العلم ممن لا يلتزم بعض السنن الواجبة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم؟

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد.

أولا :
لا يجوز لأحد أن يتعلق بفعل أحد من الناس – كائنا من كان – في مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قال الله عز وجل : ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) النور/ 63 ، والمسلم مأمور باتباع النبي صلى الله عليه وسلم ، لا باتباع غيره من الناس ، وسوف يُسأل جميع الناس يوم القيامة عن اتباعهم المرسلين لا غيرهم ، قال الله تعالى : ( وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ) القصص/65 .
وانظر جواب السؤال رقم : (122505) .
والواجب على الداعية أن يتحلى بالصفات الكريمة التي تؤهله لهذا المقام الشريف ، وهذه المنزلة السامية ، وأن يكون قدوة للناس في تطبيق السنة ومراعاة آدابها .

ثانيا :

هذه المسائل التي ذكرتها هي مسائل اختلف العلماء في حكمها .
أما الإسبال فجمهور أهل العلم على أنه لا يحرم إلا إذا كان على سبيل الكِبر ، واختار آخرون من أهل العلم : تحريمه مطلقا .
والخلاف في مثل ذلك : خلاف سائغ ، والأدلة تحتمله ، لأنه ليس من مسائل القطع واليقين ؛ فمثل هذه المسألة لا إنكار فيها على المخالف إذا أخذ بأحد القولين وهو يرى أنه الصواب .
وانظر جواب السؤال رقم : (70491) ، فقد بينا فيه عدم جواز الإنكار في المسائل الاجتهادية .
ووينظر – أيضا – للفائدة : جواب السؤال رقم : (177830) .

ولا يجوز أن تكون هذه المسألة وأمثالها مثارا للطعن في الأشخاص ، واتهامهم بأنهم يخالفون السنة ، أو يهونون من شأنها ، ونحو ذلك من العبارات التي يطلقها بعض من يخالفهم .

وأما حلق اللحية ، أو تقصيرها ، فأكثر العلماء على وجوب إعفائها ، وهو الصواب ، وذهب قليل من العلماء إلى كراهة حلقها وعدم تحريمه .
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (82720) ورقم : (127742) .

وقد يكون المقصر لها معذورا ولا يريد أن يذكر عذره عند الناس ، أو يكون متأولا ، فيرى مثلا أن أصل السنة في إعفاء اللحية : يتحقق ، ولو بقدر يسير منها ، أو نحو ذلك من التأويلات .

فمثل هذه المسائل : لا ينبغي أن تجعل أصلا من الأصول ، فتكون هي أساسنا في الحكم على الأشخاص ، وهي التي تشغل أوقاتنا وأذهاننا ومجالسنا ، وتكون مثارا للنزاع والشقاق ، وتفرق القلوب ، ووقوع الشحناء والبغضاء بين المسلمين ؛ لا سيما من يعيش منهم في بلاد الغرب ، فهم أحوج الناس إلى التآلف والتواد والتراحم فيما بينهم ، والحذر مما يلقيه الشيطان في قلوب العباد .

ولا مانع من التباحث والنصح والإنكار في هذه المسألة وأمثالها ، بل ذلك مطلوب ، ولكن القصد : هو عدم المبالغة فيها ، وتحويلها إلى مسائل ولاء وبراء ، ومفاصلات ، ومنازعات ، والانهماك في مثل هذه المسائل ، والانشغال بها عما هو أهم منها في الدين ، وأعظم منها في تحقيق العبودية ، وامتثال الأمر .

وأبعد من ذلك عن الصواب ، وأدخل في الخطأ والبدعة : أن يترك الرجل صلاة الجماعة ، خلف من هذه حاله ، أو الانتفاع بما عنده من الخير والعلم النافع ، لا سيما في بلاد الغرب ، التي يقل فيها المنشغل بالعلم والدعوة ، وتعظم فيها حاجة الناس إلى مثل ذلك .
قال الإمام الذهبي رحمه الله :
” وَلَوْ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَخْطَأَ فِي اجْتِهَادِهِ – مَعَ صِحَّةِ إِيْمَانِهِ، وَتَوَخِّيْهِ لاتِّبَاعِ الحَقِّ – أَهْدَرْنَاهُ، وَبَدَّعنَاهُ، لَقَلَّ مَنْ يَسلَمُ مِنَ الأَئِمَّةِ مَعَنَا، رَحِمَ اللهُ الجَمِيْعَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ ” انتهى من ” سير أعلام النبلاء ” (14/376) .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (147193) .

وفقك الله تعالى لما يحب ويرضى .

والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر

موقع الإسلام سؤال وجواب

at email

النشرة البريدية

اشترك في النشرة البريدية الخاصة بموقع الإسلام سؤال وجواب

phone

تطبيق الإسلام سؤال وجواب

لوصول أسرع للمحتوى وإمكانية التصفح بدون انترنت

download iosdownload android